“استيقظت ذات ليلة لأطمئن على ولدي، فوجدته محمر الوجنتين، يتصبب عرقاً وجسده دافئ، يتمتم ببعض الكلمات غير المفهومة.
هرعت أهاتف الطبيب، فأوصاني بسرعة نقله إلى المستشفى لتلقي الرعاية المناسبة.”
كانت هذه كلمات صديقتي، تروي لي ما حدث أمس مع طفلها ذو الخمسة أعوام.
كثيراً ما تختبر الأمهات ارتفاع درجة حرارة الأطفال، وتنفذ حيلها في محاولات خفض حرارة الطفل دون جدوى.
لذا، حديثنا اليوم عن ارتفاع الحرارة عند الأطفال؛ لنوضح لك عزيزتي كل ما تريدين معرفته حول ذلك الموضوع.
ما هو ارتفاع الحرارة عند الأطفال؟
تتراوح حرارة الجسم الطبيعية بين 36.1 درجة و37.2 درجة سيليزية، وفي حال ارتفاع حرارة الجسم قد تصل إلى 40 درجة سيليزية.
يعمل الجسم بشكل طبيعي على موازنة درجة حرارته الداخلية (الناتجة من عمليات الاحتراق والتمثيل الغذائي) مع البيئة المحيطة به.
لكنه قد يفشل في تحقيق ذلك إذا استمرت حرارة البيئة المحيطة بالارتفاع، أو إذا حدث خلل داخلي بالأعضاء المسؤولة عن التحكم في حرارة الجسم.
يؤدي ذلك لارتفاع حرارة الجسم، مما يشكل تهديداً على الأعضاء الداخلية، ويُنذر بسرعة التدخل لإعادة ذلك التوازن.
لا يستطيع الجسم مواصلة مهامه الحيوية في مثل هذه الحرارة، فتبدأ الأعضاء الداخلية بالتوقف عن العمل تدريجياً، مما قد يؤدي للوفاة.
لذا، فإن ارتفاع الحرارة عند الأطفال أمر طارئ يتطلب سرعة التدخل.
وفيما يلي بعض العوامل التي يمكن أن تسبب ارتفاع الحرارة عند الأطفال
أسباب مرضية
- العدوى الفيروسية أو البكتيرية.
- التهاب اللوزتين.
- الأمراض المسببة للحمى.
يجب التفرقة بين ارتفاع الحرارة عند الأطفال الناتجة بسبب عوامل مناخية أو فسيولوجية، وبين الحمى الناتجة عن إصابة الطفل بالعدوى.
ففي حالة الإصابة بالعدوى يعمل الجسم على محاربة الفيروس أو البكتريا المسببة للمرض مستخدماً خلايا المناعة، وينتج عن تلك المقاومة ارتفاع في حرارة الطفل يسمى بالحمى، وهي أحد مسببات ارتفاع الحرارة عند الأطفال.
وفيما يلي مقارنة بين الحمى وارتفاع الحرارة عند الأطفال:
الحمى | ارتفاع الحرارة |
تحدث بسبب ميكروب (فيروس أو بكتريا). | تحدث بسبب تغييرات داخلية بالجسم أو تغييرات خارجية في البيئة. |
تتغير وظائف الأعضاء المنظمة لحرارة الجسم مؤقتاً، لكنها لا تزال تحتفظ بخصائصها. | يحدث خلل في الأعضاء المنظمة لحرارة الجسم. |
هناك درجة قصوى لارتفاع الحرارة (نادراً ما تصل إلى 41 درجة سيليزية). | ترتفع فيها الحرارة بمعدلات كبيرة تصل إلى > 41 درجة سيليزية. |
تُعالج بخافضات الحرارة والأدوية المناسبة لمعالجة السبب (الميكروب). | تُعالج بحمام مائي. |
أسباب فسيولوجية طبيعية
- التسنين.
- عقب بعض التطعيمات.
أسباب مناخية
- ارتفاع حرارة المناخ، وزيادة الرطوبة.
- الإفراط في تدفئة الطفل، وارتداء الكثير من الملابس.
- ارتداء ملابس داكنة اللون في مناخ حار.
- ممارسة الأنشطة البدنية واللعب في مناخ حار.
- قلة شرب الماء والسوائل التي تساعد الجسم في عملية التبريد الذاتي بالتعرق.
صور ارتفاع الحرارة عند الأطفال:
وهناك أشكال مختلفة من ارتفاع الحرارة عند الأطفال، فهيا نتعرف عليها:
- التشنجات الحرارية
التشنجات الحرارية هي أقل صور ارتفاع الحرارة عند الأطفال خطورةً.
يشعر فيها الطفل بألم في العضلات، مثل: عضلات الساق والبطن، مع التعرق الشديد، خاصةً إذا بذل الطفل مجهوداً عضلياً كالجري في جو حار ومشمس.
إذا شعر طفلك بالتشنجات الحرارية، يمكنك مساعدته بتلك الخطوات:
- يتوقف عن اللعب وينتقل إلى مكان بارد أو أقل حراً.
- شرب الكثير من الماء والسوائل؛ لتعويض فقد الماء الذي حدث بسبب التعرق، وللوقاية من حدوث الجفاف.
- الإجهاد الحراري
يعد الإجهاد الحراري أشد خطورة من التشنجات الحرارية؛ إذ إنه يؤثر على كامل الجسم، ولا يقتصر على العضلات.
وهو الخطوة التي تسبق ضربة الشمس، لذا فور شعور طفلك بالأعراض التالية عليه الراحة وشرب الماء الكثير؛ لإعادة التوازن مرة أخرى للجسم.
تتمثل أعراض الإجهاد الحراري في:
- الشعور بالدوخة أو الإغماء.
- الشعور بالضعف العام.
- انخفاض ضغط الدم وسرعة ضربات القلب.
- جفاف الفم والحلق، والشعور بالعطش الشديد.
- التعرق الشديد وبرودة الجلد.
- صعوبة التركيز.
- ضربة الشمس
تعد أخطر مراحل ارتفاع الحرارة، وقد تكون مميتة في كثير من الأحيان.
تحدث ضربة الشمس إذا ارتفعت حرارة الجسم عن 40 درجة سيليزية، ويكون الإغماء هو أول الأعراض التي تشمل:
- الشعور بالتهيج وعدم الارتياح.
- الارتباك وصعوبة التركيز.
- فقدان التوازن.
- احمرار الجلد.
- قلة التعرق.
- سرعة ضربات القلب وأحياناً انخفاضها.
إذا لاحظت أياً من تلك الأعراض على طفلك، توجهي به فوراً لأقرب مستشفى أو مركز طبي؛ لتلقي الرعاية المناسبة سريعاً.
يمكنك مساعدة طفلك بهذه الخطوات لحين الانتقال إلى المستشفى:
- انقلي الطفل إلى مكان بارد أو به تكييف.
- ساعديه على شرب الكثير من الماء.
- ضعيه في ماء بارد.
ويُلاحظ في بعض الأطفال برودة أطرافهم أثناء ارتفاع حرارتهم، فما أسباب ذلك؟
أسباب ارتفاع الحرارة عند الأطفال مع برودة الأطراف
يستخدم الجسم آليات خاصة لرفع درجة حرارته، منها: سحب الدم من الأطراف والاحتفاظ به في مركز الجسم لتقليل فقدان الحرارة؛ إذ إن الدم الموجود بالأطراف يفقد حرارته سريعاً؛ لقربه من سطح الجلد.
يتسبب ذلك في برودة أطراف الطفل رغم ارتفاع حرارته.
وقد يحدث ارتفاع الحرارة عند الأطفال بدون سبب واضح، هيا نتعرف على ذلك.
ارتفاع الحرارة عند الأطفال بدون سبب واضح
يحدث ذلك في حالة:
- الأورام السرطانية (اللوكيميا والليمفوما).
- فرط نشاط الغدة الدرقية.
- التهابات الكبد.
- الحمى الناتجة عن الإصابة بخدوش القطط.
- بعض الأمراض المناعية كالذئبة والحمى الروماتيزمية.
- تناول بعض الأدوية مثل: أدوية الصرع والمهدئات ومضادات الروماتيزم وبعض المضادات الحيوية.
وإليك عزيزتي طرق قياس حرارة الأطفال والفروق بينها
تُقاس حرارة الجسم باستخدام الترمومتر الطبي، وتعد حرارة الجسم مرتفعة إذا كانت أكبر من 38 درجة سيليزية، وتختلف درجة الحرارة تبعاً لمكان قياسها كما يلي:
قياس الحرارة تحت الإبط
من الطرق السهلة لقياس درجة حرارة الأطفال، وتتناسب كثيراً مع الأطفال كثيري الحركة.
ضعي الترمومتر في أعمق نقطة تحت الإبط، وأغلقي ذراع طفلك عليه، اتركيه 3 أو 5 دقائق ثم اقرأي التدريج.
درجة الحرارة تحت الإبط تقل عن درجة حرارة الجسم ب 0.5 درجة، فعند أخذ القراءة أضيفي إليها 0.5 درجة لتصبح هذه درجة حرارة الجسم.
قياس الحرارة عن طريق الشرج
يعد قياس الحرارة عبر فتحة الشرج من أدق طرق القياس، اجعلي طفلك بوضع الاستلقاء على البطن، ثم أدخلي رأس الترمومتر بلطف بفتحة الشرج مسافة واحد سنتيمتر للأطفال الرضع وحديثي الولادة، ومسافة سنتيمترين للأطفال الأكبر سناً، اتركيه 3 أو 5 دقائق، ثم اقرأي التدريج.
تزيد درجة حرارة الشرج عن حرارة الجسم 0.5 درجة سيليزية؛ لذا أنقصي القراءة نصف درجة لتصبح هذه حرارة الجسم.
قياس الحرارة عن طريق الفم
هي طريقة قياس حرارة الجسم الفعلية، لكنها غير مناسبة للأطفال الصغار أقل من 4 أعوام، إذ إن بعضهم يعض على الترمومتر، وقد يتسبب في كسره وابتلاع الزئبق السام.
ضعي الترمومتر تحت لسان طفلك وليغلق فمه مدة 3 أو 5 دقائق، ثم اقرأي التدريج، هذه هي حرارة الجسم الفعلية.
تختلف طرق خفض حرارة الأطفال، فكيف تتعاملين مع طفلك أثناء ارتفاع حرارته؟
طرق علاج ارتفاع الحرارة عند الأطفال
الكمادات
أولى طرق خفض الحرارة في المنزل هي عمل كمادات بمياه الصنبور على أماكن الأوردة الكبيرة بالجسم، كالرقبة وبين الفخذين وتحت الإبطين، أو وضع الطفل في حوض الاستحمام لمدة 15 دقيقة.
ومن الأمور الشائعة استخدام الخل بمياه الكمادات، فما حقيقة علاج ارتفاع الحرارة عند الأطفال بالخل؟
استخدمت الأمهات قديماً الخل بمياه الكمادات لخفض الحرارة بشكل أسرع من استخدام المياه فقط، تلك العادة خاطئة وقد تتسبب في حدوث حساسية والتهاب جلدي للطفل.
استخدام الأدوية خافضة الحرارة
تُستخدم خافضات الحرارة تحت إشراف الطبيب، ويحذر استخدام الأسبرين كخافض حرارة للأطفال؛ إذ إنه يتسبب في حدوث متلازمة خطيرة تسمى (reye’s syndrome) قد تؤدي للوفاة.
تعد مادة الباراسيتامول آمن خافضات الحرارة المستخدمة في الأطفال، وإذا لم تستجب حرارة طفلك للباراسيتامول، استشري الطبيب لوصف العلاج المناسب.
ارتفاع الحرارة عند الأطفال قد يكون إنذاراً لمرض ما، أو إشارةً لارتفاع حرارة الجو.
ملاحظة طفلك هي أولويتك الأولى؛ لذا راقبي حرارته دائماً، واستشري الطبيب ليصف لك الدواء المناسب لحالة طفلك.
المصادر