لا أكاد أصدق ما حدث .. أشعر بفرحة ممزوجة بفخرٍ كبير.
ها هي ابنتي الغالية رانيا تفوز بالميدالية الذهبية في مسابقة السباحة.
لقد كلل الله تعبنا بالنجاح، الحمد لله الذي أراني هذا اليوم، حقاً إن لكل مجتهدٍ نصيب.
ابنتي رانيا من متلازمة داون، تبلغ من العمر 19 عاماً.
عندما ولدت رانيا أبلغني الطبيب أنها مختلفة عن باقي الأطفال، أخبرني بشأن حالتها الصحية، وقدراتها المحدودة.
وأنها لن تستطيع الاعتماد على نفسها، أو تحقيق ما يحققه الأطفال الأصحاء، وعن ضرورة الاستعداد لرعايتها دائماً.
لقد اهتممت بها وآمنت أنها ستصبح مميزة وذات قدرات فائقة، وها هي أصبحت بطلة في السباحة التي تحبها منذ الصغر.
ما هي متلازمة داون؟
متلازمة داون هي خلل جيني يحدث عندما تنقسم الخلايا بشكل غير طبيعي؛ وينتج عن ذلك وجود نسخة إضافية زائدة من الكروموسوم رقم 21 في الخلية.
هذا الكروموسوم الإضافي هو المسئول عن علامات هذه المتلازمة سواء الشكلية والجسدية أو العقلية التي تظهر على الشخص من متلازمة داون، وتكون مميزة لهؤلاء الأشخاص عن غيرهم.
يختلف هذا الاضطراب من طفل إلي آخر في شدته، وتأثيره على النمو والتطور العقلي والجسدي للطفل؛ مسبباً له تحدياً مختلفاً عن الطفل الطبيعي، وصعوبات في التعلم، ومشاكل صحية معينة خاصة بهذه الحالة.
اقرأ أيضاً تشوهات الجنين | ليس ذنبي!
ما هي أسباب متلازمة داون؟
تحتوي الخلايا البشرية الطبيعية على 23 زوجاً من الكروموسومات، في كل زوج من الكروموسومات يكون أحدهم مصدره من الأب والآخر من الأم.
تنشأ متلازمة داون عندما تحدث عملية انقسام الخلايا بشكل غير طبيعي؛ مسببة وجود نسخة إضافية من الكروموسوم 21 في الخلية أي ثلاث نسخ من الكروموسوم بدلًا من نسختين كما ذكرنا.
وجود مثل هذه المادة الوراثية الإضافية بهذا الشكل يتسبب في الخصائص المعروفة لأطفال داون، من مشاكل صحية و تأخر في النمو والتطور مقارنة بالطفل الطبيعي.
أسباب متلازمة داون غير معروفة، أي أن لا يوجد أسباب بيئية، أو عوامل محددة تؤدي إلى حدوث هذا الاضطراب في الخلايا.
لكن بشكل عام يعتقد العلماء أن احتمالية إنجاب طفل من متلازمة داون تزيد في النساء التي تتجاوز أعمارهم 35 عاماً، أو في النساء الذين لديهم بالفعل طفل من متلازمة داون.
ماهي أنواع متلازمة داون؟
يوجد ثلاثة أنواع لمتلازمة داون، وهم:
- متلازمة التثلث الصبغي 21: في هذا النوع يكون الطفل لديه نسخة إضافية كاملة من الكروموسوم رقم 21 في الخلية، ويمثل هذا النوع نسبة 95% من حالات داون في الأطفال.
- متلازمة الانتقال الصبغي: توجد في هذا النوع كمية جزئية أو كاملة من الكروموسوم 21 متصلة على صبغي آخر في الخلية، ويمثل 4% من حالات هذا الاضطراب.
- الفسيفساء (الموزاييك): يمثل هذا النوع نسبة 1% فقط من حالات داون، إذ تحتوي بعض الخلايا على 46 كروموسوم كما في الخلية الطبيعية، والبعض الآخر يحتوي على 47 كروموسوم.
أعراض متلازمة داون
على عكس ما يعتقد البعض أن الأطفال ذوي متلازمة داون لديهم نفس المستوى من القدرات، والشكل، لكن هم في الحقيقة يختلفون عن بعضهم البعض في القدرات ومستوى التطور، وهذا يعتمد على مدى تأثير هذه الحالة عليه.
فقد يكون تأثيرها بسيط في بعض الأفراد مما يجعل الشخص يعيش حياة شبه طبيعية.
في حين أنها قد تؤثر بشكل كبير على بعض الأشخاص؛ مما يستلزم الرعاية الدائمة لهم من قبل عائلاتهم ومتابعتهم باستمرار، ولا يمكنهم الاعتماد على أنفسهم لأداء متطلباتهم اليومية.
تختلف شدة الأعراض من شخص لآخر، وليس بالضرورة وجود جميع الأعراض لدى الشخص، ومن أعراض متلازمة داون:
1.أعراض جسدية
يكون شكل الجسم في متلازمة داون مميزاً بعدة صفات:
- عيون لوزية الشكل.
- الوجه والأنف المسطح.
- اللسان الملتصق بالفم.
- الأذن الصغيرة.
- الأيدي الصغيرة الحجم غالباً والأصابع القصيرة.
- رقبة قصيرة ورأس صغير.
- قصر القامة والسمنة.
- ضعف بالعضلات.
2. أعراض عقلية وسلوكية
تؤثر متلازمة داون على قدرة الطفل على الفهم والاستيعاب، والنشاطات الاجتماعية للطفل، وقد يتأخر الطفل عن أقرانه في المشي والزحف والكلام، ويحتاج أيضاً المساعدة بشكل أكبر لتعلم القراءة والكتابة والدراسة عموماً.
3. الحالة الصحية
غالباً ما يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة داون من مشاكل صحية، مثل:
- ضعف عام بالعضلات.
- فقدان أو ضعف السمع في إحدى الأذنين أو كلتيهما.
- مشاكل القلب: يعاني ما يقارب من 50% من أصحاب هذه المتلازمة من مشاكل في القلب التي تستلزم العلاج.
- صعوبة التنفس أو توقف التنفس عدة مرات أثناء النوم.
- قد يعاني البعض من مشاكل في الدم مثل الأنيميا مع احتمالية كبيرة للإصابة بسرطان الدم.
- النسيان والزهايمر وضعف القدرات العقلية وكذلك التوحد.
- سهولة الإصابة بالعدوى نتيجة لضعف الجهاز المناعي لديهم.
- احتمالية زائدة للحصول على وزن زائد وسمنة ملحوظة.
- اضطراب في عمل الغدة الدرقية، وبعض المشاكل الجلدية.
- مشاكل في الإبصار.
- اضطرابات الجهاز الهضمي من إمساك وارتجاع في المريء.
هل يمكن تشخيص متلازمة داون أثناء الحمل؟
يتساءل بعض الآباء عما إذا كان هناك فحوصات تشير إلى احتمالية وجود طفل متلازمة داون قبل الولادة أم لا؟
الإجابة هي نعم، فهناك بعض الفحوصات التي تُجرى قبل الولادة، وتساعد على معرفة ذلك، وتشمل هذه الفحوصات:
1.اختبارات الدم والتصوير بالموجات فوق الصوتية؛ للبحث عن دلائل وجود متلازمة داون في الجنين.
2.هناك طريقة أخرى للفحص، وهي سحب عينة من السائل المحيط بالجنين للكشف عن وجود كروموسومات غير طبيعية في خلايا الجنين.
بالإضافة لوجود فحص ما بعد الولادة؛ لاكتشاف علامات متلازمة داون الظاهرة على الطفل، وللتأكد من التشخيص يتم سحب عينة من دمه، وفحصها لاكتشاف وجود أي كمية إضافية من الحمض النووي في كروموسوم 21.
علاج متلازمة داون
لا يوجد علاج فعليّ لمتلازمة داون، وأيضاً لا يوجد أساليب محددة للوقاية من حدوثه، لكن علاج متلازمة داون يتمثل في معالجة المشكلات الصحية والسلوكية التي تنشأ عند الطفل.
يهدف العلاج إلى تحسين جودة حياته بقدر الإمكان، ومساعدته في مواجهة التحديات التي قد تواجهه، وكلما كان التدخل لعلاج هذه الأعراض في مراحل مبكرة كلما كانت النتيجة أفضل.
على سبيل المثال قد يحتاج الأطفال إلى أخصائي علاج طبيعي لتقوية العضلات الضعيفة لديهم.
يحتاج الطفل للمتابعة مع طبيب خاص بالحالة الصحية لديه؛ لحل مشاكل القلب، والغدة الدرقية، والجهاز الهضمي، والسمع والإبصار.
يحتاج أيضاً معالج متخصص لمساعدته على النطق، والكلام، وتحسين التواصل تبعاً لحالة الطفل.
اقرأ أيضاً الإعاقة العقلية عند الأطفال | أمي وأبي، أحتاج إليكما!
جدير بالذكر أن هناك نماذج ناجحة من الأشخاص ذوي متلازمة داون حققوا نجاحا ً دراسياً، وتفوقاً ملحوظاً في الدراسة والألعاب الرياضية وفي عدة مجالات، نتيجة إهتمام عائلاتهم وتشجيعهم وإيمانهم بقدراتهم الخاصة وتقديم الدعم لهم.
وهذا يوضح أهمية تزويد الآباء ممن لديهم أبناء من متلازمة داون بالمعلومات اللازمة التي تمكنهم من تقديم المساعدة لأبنائهم، لمواجهة التحديات التي تواجههم بل وتحقيق التفوق في عدة مجالات.