القائمة إغلاق

أثر التكنولوجيا على الأطفال | هل أصبح العالم الافتراضي أسلوب حياة؟

5737

من أحد المشاهد التي أصبحنا نراها بكثرة هذه الأيام، أن ترى طفلاً يبلغ من العمر سنتين فقط  يجلس لساعاتٍ حاملاً هاتفاً ذكياً في يده مستمعاً إلى أغانيه المفضلة، أو مندمجاً في لعبة الفيديو التي يحبها، غير مستجيبٍ لنداءاتِ أمهِ المتكررة طالبة منه أن يترك ما في يده لكي يتناول الطعام.

ينتهي الأمر بأن تسحب منه الجهاز عنوةً، فيبدأ في الصراخ ويطالبها بإرجاعه إليه بإصرار؛ ليستكمل اللعبة، فتضطر الأم إلى تنفيذ رغبته لوقف هذه الدراما.

قد ترى مشهداً آخراً تعطي فيه الأم الهاتف لطفلها، بغرض إلهائه لبعض الوقت، حتى تستطيع استكمال أعمال المنزل. 

لقد اعتدنا رؤية هذه المشاهد بكثرة في الآونة الأخيرة، ولكن!! يأتي التساؤل هنا عن أثر التكنولوجيا على الأطفال، وهل هو تأثير إيجابي أم سلبي؟ تابع معنا هذا المقال لتعرف الإجابة. 

الطفل والتكنولوجيا

التكنولوجيا حولنا في كل مكان، لا يمكننا تخيل الحياة بدون تكنولوجيا، فقد أحدثت التكنولوجيا تغيراً إيجابياً ملحوظاً في العالم وخاصةً في السنوات القليلة الماضية.

 و أصبحت جزءاً أساسياً من حياتنا نعتمد عليها بشكل كبير في عدة مجالات، وعند الحديث عن الطفل والتكنولوجيا، فإن علاقة الطفل بالتكنولوجيا أصبحت أمراً مألوفاً ومسلماً به.

 بإمكانك أن ترى الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية حولك أينما تذهب، تجدها في أيدي الأطفال والمراهقين والكبار أيضاً. 

يَستخدم الأطفال هذه الأجهزة في كل مكان، في المنزل والمدرسة، في المطاعم والمتنزهات، لا تخلو أيديهم من أحد هذه الأجهزة الرقمية.

أثر التكنولوجيا على الأطفال

يحتك الطفل بشكل مباشر مع وسائل التكنولوجيا في سن مبكرة، يعتمد عليها في اللعب والتسلية وفي الدراسة والتعلم.

على الرغم من ذلك فإن للتكنولوجيا أيضاً وجهاً آخراً، فالاستخدام المفرط لها من الأطفال قد يعود عليهم بالسلب، ويسبب لهم الأضرار .

لذا تأتي أهمية التحكم في استخدام هذه الوسائل والأجهزة من قبل الآباء، ومعرفة المحتوي الذي يتعرض له الطفل من خلالها؛ للحد من أضرارها التي يمكن أن تسببها للطفل.

فهو بطبيعة الحال لا يمكنه السيطرة، أو وضع الحدود أثناء استخدامها. 

لا يمكننا تحديد أثر التكنولوجيا على الأطفال إذا كان إيجابياً أو سلبياً دون النظر إلى عدة زوايا، وأيضاً النظر إلى كيفية استخدامها، وإلى أي مدى تستخدم. 

فمن الممكن أن تؤثر بشكل إيجابي أو بشكل سلبي، فهذا يختلف من شخص لآخر.

من المؤكد أن الاستخدام المعتدل دون الإفراط والمبالغة هو الوضع الأمثل؛ لتحقيق الاستفادة وتجنب المخاطر.

إيجابيات التكنولوجيا على الأطفال 

هناك عدة مزايا لاستخدام التكنولوجيا بالنسبة للأطفال، وهي: 

استخدام التكنولوجيا في تعليم الأطفال:

لقد أُدخلت التكنولوجيا بشكل كبير في المدارس في السنوات القليلة الماضية؛ لزيادة استيعاب وتفاعل الطلاب مع المنهج الدراسي المُقدم لهم.

إذ تقوم بعض المدارس بتخصيص الهواتف الذكية للطلبة بهدف الدراسة وسهولة التحصيل.

كذلك تستخدم وسائل التكنولوجيا للأطفال على نطاق واسع في المنزل، بغرض تعليم الطفل الأرقام والألوان والحروف وبعض المهارات  قبل الالتحاق بالمدرسة.

كما يُعد الإنترنت مكتبة كبيرة تحوي ملايين الكتب وعدد لا حصر له من المعلومات التي يمكن أن يتساءل عنها الأطفال.

  • مهارة حل المشاكل:

معظم ألعاب الفيديو المنتشرة بين الأطفال تتطلب منهم مهارة حل المشكلات التي تقابلهم أثناء اللعبة، وتدفعهم لسرعة اتخاذ القرار والتغلب على العقبات؛ للوصول إلى الهدف.

ينعكس ذلك على تصرفاتهم في الحياة الواقعية

عند حل المشكلات، أو أداء الواجب المدرسى، وتخطي الخلافات بينهم وبين الأصدقاء. 

  • اكتساب مهارة مستقبلية:

كما نعلم جميعاً أن المهارات التكنولوجية والفنية أصبحت مطلوبة بشكل متزايد في مجال العمل، وأن المستقبل هو لمن يجيد هذه المهارات و يتميز فيها.

لذا فإن تعرف الأطفال في سن مبكرة على هذه الوسائل والاعتياد عليها بمثابة استعداد لتحديات المستقبل في سوق العمل. 

  • زيادة معدل الذكاء:

إذ أن الاستخدام المعتدل لهذه الاجهزة يساعدهم على حل المشاكل المعقدة وتحسن مهارات التعلم.

أما الاستخدام الزائد عن الحد قد يفعل العكس تماماً، فقد يؤدي إلى زيادة التشتت الذهني لهم.

  • الاستخدام في حالات الطوارئ: 

إجادة استخدام الأجهزة الذكية تمكنهم من سهولة التواصل مع والديهم عند الطوارىء، والإتصال بهم على أرقام معينة يحددها الآباء لأطفالهم.

أضرار التكنولوجيا 

أثر التكنولوجيا على الأطفال

كما ذكرنا فإن الاستخدام المعتدل قد يجنب الأطفال أضرار التكنولوجيا، أما في حالة عدم التحكم في مدة استخدامها والمحتوى الذي يتعرض له الطفل فقد تسبب بعض المشاكل، منها: 

الانعزال وضعف العلاقات والمهارات الاجتماعية

لقد حلت العلاقات الافتراضية على وسائل التواصل الاجتماعي محل التواصل الفعلي المباشر بين الأطفال وبين والديهم وأصدقائهم أيضاً. 

أصبح الأطفال يتواصلون عبر الرسائل والمحادثات والألعاب بدلًا من اللقاءات التفاعلية بينهم. 

بالتالي فإن مهارات التواصل الاجتماعي التي كان يكتسبها الطفل عبر المحادثات، وقراءة تعابير الوجه، ونبرة الصوت، والتواصل بالعين اصبحت محدودة. 

الانفصال العاطفي

أصبح الطفل منفصلاً جزئياً عن الحياة الواقعية، وقلت قدرته على التصرف بطريقة صحيحة، وتكوين الأصدقاء، والتحكم في المشاعر والمزاج، والإحساس بالتعاطف مع الآخرين. 

أضرار صحية

أصبح الطفل يفضل اللعب على الأجهزة اللوحية بدلاً من النشاط البدني مثل اللعب والجري.

بالتالي قل المجهود الذي يبذله الأطفال، وقل حرق السعرات الحرارية، إذ أن هذه الألعاب تتطلب منهم قضاء مدة طويلة أمام شاشات الأجهزة بدون حركة.

فتسبب لهم مشاكل صحية مثل السمنة، وآلام الرقبة والإرهاق، وتشوهات الهيكل العظمي، ومشاكل الرؤية، وكذلك ضعف العضلات.

 عدم كفاية النوم

أظهرت بعض الدراسات أن الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام شاشات الأجهزة لا يحصلون على القدر الكافي من النوم مقارنة بغيرهم من الأطفال.

النوم له أهمية كبيرة عند الأطفال، فهو يساعدهم على النمو واكتساب المهارات وزيادة الانتباه والتعلم. 

اكتساب العدوانية

قد تمثل مشاهدتهم ألعاب الفيديو المحتوية على مشاهد عنف خطراً عليهم، إذ أن الأطفال لديهم خيال واسع، ويتأثرون بشكل كبير بما يرونه، ولا يستطيعون التفرقة بين الواقع والخيال. 

كما أن رؤيتهم مشاهد مخيفة ومفزعة قد تتسبب في عدم القدرة على النوم ورؤية الكوابيس المزعجة.

قد يهمك أيضاً الصحة النفسية للأطفال | الوتر الحساس

التنمر الالكتروني

 قد يتعرض الطفل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى تذمر البعض عليه مما يسيء إلى صحته النفسية، وهذا ما يسمى بالتنمر الالكتروني.

التأخر في اكتساب وتعلم اللغات

إدمان هذه الوسائل عند بعض الأطفال 

قد يتحول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والألعاب إلى هوس عند الأطفال لا يمكنهم السيطرة عليه.

احتمالية ظهور محتوى غير مناسب للأطفال أثناء التصفح على الإنترنت قد يؤذيهم

تأثر الأداء الدراسي وقلة  فترات انتباههم

نتيجة تعود عقولهم على التبديل المستمر بين المهام.

أثر التكنولوجيا على الأطفال

قلة التهدئة الذاتية للطفل

تقديم الأجهزة اللوحية والهواتف للأطفال بغرض إلهاء الطفل أصبح منتشراً بين الآباء.

هذا التصرف لا يسمح بتعليم الطفل  كيفية تهدئة نفسه في المواقف والتنظيم الذاتي لغضبه.

نصائح للآباء للحد من الجانب السلبي من أثر التكنولوجيا على الأطفال

  • يمكنك تقديم قنوات فيديو موثوقة لطفلك بدلاً من حرمانه من مشاهدة الفيديو على الإطلاق، مع تحديد عدد معين من الساعات في اليوم. 
  • منع الألعاب العنيفة والمخيفة بالنسبة للأطفال. 
  • الانتباه إلى الألعاب المتصلة بالإنترنت، ويمكن أن يحدث من خلالها تلاعب بالطفل عن طريق شخص غريب. 
  • التواصل الجيد، وتوطيد العلاقة بطفلك يجعلانه يصارحك دائماً بكل الأمور.  
  • إخبار طفلك عن الفرق بين الخيال والحقيقة للحد من التأثير العاطفي السلبي عليه. 
  • استخدام برامج أمان للتحكم في ما يشاهده الطفل عبر الانترنت والألعاب. 
  • عدم تجاهل رغبات طفلك. 

بعد التعرف على أثر التكنولوجيا على الأطفال، علينا تقبل أن التكنولوجيا أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا لا يمكننا الاستغناء عنه، ولكن يمكننا تلافي أضراره المحتملة. 

الاستخدام المعقول والتحكم في المحتوى يتيح لأطفالنا الاستفادة منه على الوجه الأمثل، وتجنب أضرار التكنولوجيا. 

أضرار التكنولوجيا