القائمة إغلاق

تعليم الأطفال عن المشاعر | معاً نحو تربيةٍ أفضل

4125

تخيلي وكأن هناك إناء ضغط -التي تطهو الطعام سريعاً- مملوءة ومغلقة بإحكام وتغلي بشدة، ما الذي سيحدث حينها؟

ستنفجر، أليس كذلك؟

هذه هي نفس الفكرة لدى الطفل، عندما يعاني من المشاعر السلبية التي تتصارع بداخله ولا يستطيع وصفها.

لأنه لا يملك من الكلمات ما يساعده على التعبير عنها!

سينفجر في نوبة من الصراخ أو البكاء، أو نراه يمزج الإثنين مع الخبط بقدمه الصغيرة على الأرض تعبيراً عن الرفض أو الغضب!

في هذه اللحظة ما الذي سنقوله ونفعله يا تُرى؟!

في الحالات العادية سيرفع الأب أو الأم صوتهما في المقابل، ويهددان الطفل ويطالبانه بضرورة التوقف عن هذا السلوك.

وإلا سوف يُعاقب!

اسمحي لي أن آخذكِ خارج هذه الدائرة المزعجة الصاخبة إلى منطقة هادئة. 

كي نستطيع أن نفكر بشكل موضوعي وإيجابي ونحلل سوياً سلوك الطفل و الأم.

(الأم) ترفض السلوك المزعج من طفلها ولهذا تحاول إيقافه.

(الطفل) يحاول الوصول لهدف معين من سلوكه هذا. 

والآن هناك صدام بين الطفل والأم في هذه اللحظة! 

ولو لم تتوصل الأم لسبب سلوك الطفل سيدخل الطرفان في حلقة من التكرار وكلا الطرفين سيكون خاسراً. 

السؤال هنا كيف يخرج كلٌ منهما منتصراً في موقف مثل هذا؟! 

الحل في هذه الجملة: تعليم الأطفال عن المشاعر

أهمية تعليم الأطفال عن المشاعر

علمي طفلك كيف يعبر عن مشاعره وما يدور في نفسه بشكل هادئ، وبالطبع كلما بدأتِ باكراً سيكون أفضل لكِ و لطفلك. 

فالقدرة على التعبير عن المشاعر لدى الأطفال تمكنهم من مواجهة صعوبات الحياة وتساعدهم علي التمتع بقدرٍ عالٍ من مهارات المرونة والتكيف.

إن تعليم الأطفال عن المشاعر، وتزويدهم بالطرق التي تمكنهم من السيطرة على انفعالاتهم والتحكم فيها بطريقة إيجابية يساعدهم على تطوير التفاعل مع العالم من حولهم. 

فبدلاً من استخدام السلوك للتعبير سوف يوجهون أذهانهم لاستخدام الكلمات. 

تلك التي بدورها ستدفعهم أولاً إلى التفكير فيما سوف يقال؛ ليعبروا عما يدور بداخلهم مما يجعلهم يهدأوا قليلاً.

لأنهم يركزون على اختيار الكلمات بدلاً من التركيز على الانفعال.

أقرأ أيضاً ١١ طريقة لتربية طفل واثق من نفسه

متى أبدأ بتعليم الأطفال عن المشاعر؟

أوضحت الدراسات أن الأطفال تميز المشاعر و تنتبه إليها منذ الصغر حتى قبل أن تستطيع نطق الكلمات. 

وعندما يتمكن طفلك من الكلام ستكون هذه فرصتك لتعليمه عن المشاعر وكيفية التعبير عنها بطرق بسيطة تتناسب مع عمره.

فالأطفال الذين يتعلمون طرقاً صحية للتعبير عن مشاعرهم لديهم فرصة أكبر لما يلي:

  • التمتع بصحة نفسية ونجاحٍ في التواصل مع الآخرين.
  • الشعور بالقدرة والثقة بالنفس. 
  • أداء أفضل في الدراسة والحياة المهنية.
  • قلة احتمالية ظهور المشاكل السلوكية.
  • ينمو لديهم حس التعاطف ومساعدة الناس.
  • تتطور مهارات المرونة والتكيف لديهم. 

كيف تساعدين طفلك على تطوير مهارة التعبير عن مشاعره؟

يمكنك ذلك من خلال استخدام بعض أنشطة التعبير عن المشاعر للأطفال، مثل:

تسمية المشاعر 

أعطي المشاعر أسماءً معينة حتى يتكون لدى الطفل مجموعة مفردات عاطفية تساعده في التعبير عن نفسه.

اعرضي على الأطفال صوراً عن المشاعر، مثل: (الغضب – الهدوء – الحزن – الفرح – الخوف – الشجاعة – الحب).

استخدمي القصص المصورة والألعاب وبعض مشاهد الرسوم المتحركة للحديث عن أنواع المشاعر المختلفة.

استعيني بالأحداث والمواقف اليومية لشرح أنواع المشاعر المختلفة بشكل عملي لطفلك. 

فمثلاً: يمكنك أن تقولي له: أنا أشعر بالحزن اليوم لأنك تحدثت مع أخيك بشكل غير لائق وأعتقد أنه أيضاً شعر بالحزن. 

أو: أنا أشعر بالسعادة لأنك تحملت مسؤولية ترتيب غرفتك اليوم. وارسمي هذه المشاعر على ملامحك.

قد يعجبك كيف نتعامل مع الغيرة عند الأطفال من المولود الجديد؟

ترجمة إشارات الطفل

ترجمي إشارات طفلك؛ ففي بعض الأحيان يصعب التعرف على المشاعر، وراقبي لغة جسد الطفل واستمعي إلى ما يقوله. 

فمثلاً: إذا رأيتِ طفلك غاضباً ويبكي حاولي تهدئته وسؤاله عما يشعر به. وإن كان لا يستطيع وصف شعوره ساعديه ببعض الأفكار.

مثل: 

هل من الممكن أن تخبرني كيف تشعر؟

هل ما تشعر به يمكن أن نسميه غضباً أم حزناً؟ 

وهل هناك ما يمكن أن تضيفه لتوضح لي مشاعرك؟

ثم اطلبي منه أن يحكي ما حدث وحاولي ألا تخبريه بما يفترض أن يشعر واتركيه يكتشف بنفسه طبيعة شعوره.

اعلمي أن وراء كل سلوك فكرة معينة أو شعور داخل طفلك هو المسؤول عن هذا السلوك.

فمثلاً إذا قال لك طفلك (أنا أكره هذا المولود الصغير)، حاولي أن تفهمي الفكرة التي دفعته لقول هذه الكلمات. 

فلربما يكون خائفاً من أن يفقد حبك له للأبد… 

كوني قدوة

عزيزتي الأم حاولي أن تكوني نموذجاً في التعبير عن المشاعر، فالطفل يتعلم بالملاحظة.

أظهري لطفلك كيف تشعرين تجاه المواقف المختلفة، مثل: 

أشعر بالغضب حقاً لأني تعرضت لغرامة زيادة السرعة، يجب علي أن انتبه للسرعة أثناء القيادة.

أنا أشعر بالسعادة لاستقبال أقربائنا على العشاء.

التشجيع

شجعي طفلك عند الحديث عن مشاعره حتى يتعلم أن التعبير عن المشاعر بالكلمات ليس بالأمر الصعب أو السيئ. 

وهذا يعتبر من أهم أنشطة التعبير عن المشاعر لدى الأطفال. 

مثل: أن تقولي له (أنا حقاً سعيدة وفخورة بالطريقة التي تحدثت بها مع أخيك عندما أخذ منك لعبتك وعبرت عن غضبك ورفضك بأسلوب مقبول).

الإنصات والاهتمام

استمعي إلى مشاعر طفلك باهتمام ولا تحاولي إنكارها أو تجاهلها، بل ساعديه على تحديدها والتفكير في حل لمعالجتها.

فمثلاً: إذا دخل طفلك البيت قادماً من المدرسة وهو غاضب من المدرس الذي أهانه في الفصل.

لا تقولي له (أنت ترى الأمر بشكل مبالغ فيه ولا داعي لكل هذا الغضب!). 

ولا تقولي له (إنه أمر عادي يحدث مع الجميع وأن شعور الغضب هذا ليس في محله).

لكن استقبلي طفلك بهدوء و قولي له (ماذا حدث؟ أرى أنك غاضباً جداً، أخبرني)

حينها سيشعر طفلك أنك مهتمة بمشاعره وسيبدأ بسرد ما حدث عليك. 

عندها سوف تستطيعين توجيه مشاعره بشكل سليم، و لا تترددي في مساعدة طفلك إن كان في حاجة للمساعدة.

إظهار التعاطف

يعد إظهار التعاطف مع المواقف المختلفة طريقة فعالة في تعليم الأطفال عن المشاعر. 

عندما يكون طفلك منزعجاً قد يبدو من الأسهل بالنسبة لكِ أن تتغاضي عن التحدث معه حول هذا الشعور أو إنكاره وتحويل انتباه الطفل لشيءٍ آخر. 

لكن بهذه الطريقة ستجعلينه يستنتج أن التحدث حول مشاعره شيءٌ  خاطئ.

التصرف الصحيح هو أن تتحدثي معه حول مشاعره؛ لأن إقرارك كأم بوجود المشاعر يمنح الطفل الثقة بنفسه وتفكيره.

فمثلاً عندما تجدينه غاضباً لأنكِ رفضتي خروجه للعب حتى ينتهي من تنظيف غرفته. 

يمكنك إظهار التعاطف بأن تقولي: 

أنا أيضاً أشعر بالغضب عندما لا أستطيع أن أنفذ ما أريد، أحياناً يكون صعب الاستمرار في العمل مع عدم وجود الرغبة فيه، أنا أتفهم شعورك.

عندما يرى طفلك أنك تفهمين ما يدور في داخله من مشاعر وانفعالات ستقل رغبته في إظهار تلك الانفعالات في شكل سلوك سلبي.

تعلم الآباء عن المشاعر 

يجب عليكِ -كأم أو مربية- أن تتعلمي جيداً عن المشاعر وكيفية التعامل معها حتى تتمكني من توصيلها لطفلك.

وإليكِ بعض أنواع المشاعر التي قد تصادفنا في الحياة والتي قد نعجز عن ترجمتها في كلمة واحدة…

أمل – جرح – حزن – شجاعة – تواضع – إشباع – إنزعاج – ثوران – ثقة – غضب –  اشمئزاز – احتقار- استسلام – حب – فرح – ملل – يأس – إحباط – إيجابية  – اقتناع – توتر – عجز – قلق – ارتباك – هدوء – استرخاء – راحة – قناعة – صفاء – إثارة – سعادة – بهجة – سرور – فخر – شك – حقد – تعاطف – مودة  – أدب – دهشة – تشويق – ضغط – صدمة – إنصاف – شد عصبي – وحدة – أمن – إرهاق – سخافة – تعب – راحة – غيرة – اهتمام – تسرع – تجاهل- كرم – روعة – إحراج – فضول.

ألعاب التعبير عن المشاعر للأطفال

تعليم الأطفال عن المشاعر

يوجد من ضمن أنشطة التعبير عن المشاعر للأطفال بعض الألعاب التي يمكن أن تشاركيها مع أطفالك لتعلّميهم تحويل انفعالاتهم إلى كلمات واضحة.

نشاط البالونات والألوان

1- أحضري بالونات مملوءة بكمية صغيرة من الماء أو الأرز وبعض الألوان.

2- ارسمي بعض المشاعر المختلفة وقومي بتسميتها مع طفلك، وابدأي اللعب معه باختيار الشعور الذي يسمع اسمه.

3- تبادلوا الأدوار في وصف هذا الشعور، مثل: وصف شعور الغضب يمكن أن يكون (وجه عابس – عين محدقة – صوت عالي)

4- أو اطلبي منه تمثيل الشعور المشابه للبالون الذي تحملينه، وأن يخبرك ما هو اسم هذا الشعور. 

نشاط الكروت لتعليم الأطفال عن المشاعر

أحضري بعض الكروت المرسوم عليها أنواع المشاعر بدرجاتها، مثل: شعور الفرح (الابتسام – الضحك – القهقهة). 

أو (السكون – الحزن – البكاء)، واطلبي من الطفل اختيار الدرجات المختلفة للشعور ووضعها في صندوق خاص بها. 

بالطبع تستطيعين ابتكار أنشطة أخرى لتعليم أطفالك عن المشاعر وكيفية التعبير عنها.

قد يعجبك صعوبات التعلم عند الأطفال

عزيزتي،، عليكِ معرفة أن:

التعبير عن المشاعر عند الأطفال باستخدام الكلمات يعد مهمة شاقة في البداية. 

لذا يمكنك أن تساعديه في اختيار مفرداته التي تصف شعوره.  

أما إن كان في حالة من الانفعال ولا يريد الحوار يمكن أن تخبريه أنه من الأفضل أن ينتظر لفترة ثم يعود عندما يكون مستعداً للحوار الهادئ.

في النهاية -عزيزتي الأم- كوني فخورة بنفسك فأنتِ عندما تبذلين بعض الجهد في تعليم طفلك كيفية التعبير عن مشاعره فأنت تصنعين أشخاصاً أقوياء اجتماعياً وتحضرين آباءً عظماء للمستقبل.

المصادر

kidshealth.org/

مقالات ذات صلة